مفهوم جديد عام وشامل
مع توسع مجال النشاطات البشرية ودخول التقنيات والآلات لكل نواحي حياتنا اليومية وازدياد تعقيد التقانات المستخدمة في وسائل الإنتاج تزداد يومياً المخاطر في مواقع العمل والمصانع و تزداد الكلف الناتجة عن الحوادث إن كانت بالأرواح البشرية والمعاناة الإنسانية أو الكلف البيئية المتعلقة بسلامة الموارد الطبيعية حولنا وأيضاً في الكلف المادية العالية نتيجة الهدر في المواد والآلات. هنا ظهر مفهوم جديد يزداد أهمية يوماً بعد يوم و يزداد عدد المجالات المعرفية المرتبطة به هو الأمن الصناعي والسلامة المهنية. فما هو الأمن الصناعي والسلامة المهنية، ومن المسؤولين عنه ولماذا يجب أن يطبق في كل المشاريع الكبيرة والصغيرة على حد سواء
يطلق مفهوم الأمن الصناعي industrial safety على مجالات المعرفة المهتمة بجميع التدابير الوقائية لمنع وقوع الإصابات في أثناء العمل، وذلك لحماية مقومات العمل البشرية والمادية والبيئية في جميع المجالات الصناعية والزراعية و الإنشاءات على أنواعها المختلفة والخدمية والتعليم والنقل والتخزين، وكيفية تجنب وقوع الإصابات عند حدوث الكوارث أو الحوادث، والأساليب الصحيحة لتنفيذ الإسعافات الأولية في حال وجود مصابين وإخلائهم من الموقع.
مجالات الأمن الصناعي والسلامة المهنية
تتوزع مجالات الأمن الصناعي والسلامة المهنية على عدد من المجالات كالتالي:
- السلامة العامة ( وهي المواضيع و التدابير التي تشمل كل المجالات بدون استثناء)
- السلامة التي تخص موقع عمل محدد (مثل معمل تجميع سيارات، أو محطة طاقة نووية)
- سلامة المعالجة وأسلوب الانتاج.
- السلامة والأمان في المواد المستخدمة وتشمل تخزين المواد وأسلوب استعمالها و لاحقاً التخلص من أي نفايات ناتجة عنها.
- الوقاية من الحرائق.
- الوقاية من الأخطار الكهربائية.
- سلامة الأبنية والمنشآت خلال عمليات البناء ( ويشمل أيضاً سلامة أي إنشآت مؤقتة).
- السلامة البيئية.
مراحل تطبيق الأمن الصناعي
يجب الإنتباه إلى أن تحقيق الأمن الصناعي في أي مؤسسة يتطلب وضع خطة شاملة ومنهجية من قبل مختصين في المجال، كما أن التعامل مع مراحل الخطة بجدية يؤدي إلى فوائد محققة للمؤسسة. يمكننا تقسم تحقيق الأمن الصناعي إلى ثلاث مراحل رئيسية:
ـ المرحلة الأولى
تبدأ هذه المرحلة مبكراً جداً مع بدايات التفكير بأي استثمار من خلال تحديد ومعرفة مصادر الأخطار المحتملة ويتبع ذلك تصميم و اختيار الآلات ومواد العمل وأساليب المعالجة أو التركيب الأكثر أماناً، ومن ثم إنشاء المباني المناسبة هندسياً لطبيعة العمل، إذ يجب التخلص قدر الإمكان من كل مصادر الخطر، وتلافي وقوع الحوادث و إختيار الفنيين المدربين على إجراءات السلامة العامة والمهنية.
ـ المرحلة الثانية
مجال تطبيق هذه المرحلة في أثناء الاستثمار والتشغيل والإنتاج والغاية منها منع وقوع الحوادث واستخدام مايلزم لتلافي تطورها في حال حدوثها، يمكن تطبيق ذلك عن طريق وضع تعليمات التشغيل الآمنة،التأكيد على أن مشغلي الآلات مدربين على استعمالها بالشكل الأمثل، وتنظيم مكان العمل، وتخطيط سير المواد وحركة العمال والفنيين، وتحديد مصادر الخطر، والتعريف بطرائق الوقاية من الحوادث والإصابات، وتوصيف معدات الوقاية الفردية بما يتناسب مع طبيعة العمل ومواده (للرأس والوجه والعيون والآذان والمجاري التنفسية واليدين والقدمين وسائر الجسم)، وتحديد مخارج النجاة، والتنبيه لمكامن الخطر، والتحذير من الحوادث قبل وقوعها وكيفية تفاديها. وكذلك تجهيز أماكن العمل بوسائل الوقاية والإسعاف والطوارئ وإطفاء الحريق وتشغيلها تلقائياً، وحصر أماكن الخطر وإغلاقها منعاً لتفاقم الأضرار.
ـ المرحلة الثالثة
وهي مجموعة إجراءات وعمليات تسعى لإحتواء المخاطر وحصرها وتقليل الخسائر على مختلف أنواعها بشرية أو مادية أو بيئية في حال وقوع الحوادث، وتشمل إجراء الإسعافات الأولية وعمليات الإنقاذ بفرق إسعاف متخصصة ومؤهلة للتعامل مع الإصابات والجروح الأكثر احتمالاً بحسب مجال العمل وطبيعة مواد العمل. كما يجب تعليق لوحات تعليمات حول كيفية إجراء الإسعافات الأولية وإخلاء المصابين، وأسماء وعناوين الأطباء والمستشفيات المختصة بمعالجة الإصابات الأكثر احتمالاً (عينية، حروق، مواد كاوية، جروح، كسور). وعند التعامل مع المواد الخطرة السامة لا بد من مراجعة مراكز الإسعاف المختصصة مع ضرورة ذكر اسم أو رقم المادة الخطرة للطبيب المعالج، وعند اللزوم الاستعانة بفرق الإطفاء والدفاع المدني والشرطة للتغلب على الحوادث الطارئة.
تسعى المرحلتان الأولى والثانية إلى التنبه للمخاطر والحوادث قبل وقوعها، واتخاذ التدابير والاحتياطات الوقائية كافة لمنع وقوع الحوادث واستخدام ما يلزم لتلافي تطورها في حال وقوعها. أما المرحلة الثالثة فتسعى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد وقوع الحوادث والإصابات.
شروط تحقيق الأمن الصناعي
يتحقق الأمن الصناعي والسلامة المهنية من خلال التعاون الوثيق بين الجهات العامة المسؤولة عن تراخيص العمل ومزاولة المهنة و القطاع الخاص الذي يمارس مختلف الأعمال حيث أن تطبيق هذه الإجراءات رغم الكلف المادية ظاهرياً والتي قد يجدها البعض غير مبررة إلا أنها في حقيقة الأمر تعود على المجتمع وعلى المستثميرين بالكثير من الفوائد تبدآ بتلافي الإصابات البشرية وما يتبعها من معاناة ولا تنتهي عند الحد من هدر المواد و حماية وسائل الإنتاج وحماية البيئة عموماً في حال وقوع الحوادث وعليه يمكن تحقيق الوقاية والحماية من خلال:
- التشديد على تطبيق قواعد الأمن والسلامة المهنية وفق المعايير النموذجية عند منح تراخيص العمل ومزاولة المهنة.
- المراقبة الصارمة على إجراءات الأمان والسلامة المهنية في أثناء العمل، وعند تجديد تراخيص العمل.
- تطبيق قواعد الأمن الصناعي وإدراك أهميتها ومتابعتها من قبل الإدارة.
- التخطيط السليم للعمل ومتابعة تنفيذ الخطة.
- إفهام العاملين مخاطر العمل والأمراض المهنية، وتدريبهم على كيفية الوقاية منها.
- عدم السماح بتجاوز العتبات الحدية المسموح بها عالمياً من تلوث وإشعاع وسمية وضجيج.
- تخفيض أوقات العمل ومدة خدمة العاملين في المجالات الخطرة (الكيمياوية والإشعاعية).
- التقيد بإجراء الصيانات الدورية للتجهيزات الميكانيكية والكهربائية والبنية التحتية وشبكات الكهرباء والمياه والهواء المضغوط.
- إصلاح كل ما يطرأ من عيوب في المعدات أو المنشآت فور حدوثه، وعدم استعمال أية معدات في حال وجود أي خلل فيها.
- إجراء التعديلات الضرورية لتحسين شروط العمل والسلامة المهنية.
عموماً إن الإلتزام الطوعي لكل المؤسسات بشروط السلامة والاستخدام الأمن للمعدات وأساليب الإنتاج و تدريب العاملين على إجراءات السلامة وتلافي وقوع الحوادث و وجود متخصصين بإدارة المخاطر وخطط جدية للتعامل مع الكوارث يوفر على المؤسسات مبالغ مادية كبيرة والكثير من المعاناة الإنسانية كما يوفر على المجتمع الكثير من الأضرار البيئية والهدر لأن أي كارثة نتحمل نتائجها جميعاً.
